مؤسسة خادم الحرمين للأعمال الخيرية والإنسانية
هدية الـمملــكة إلى العالم
خطوة عملاقة على سبيل مأسسة العمل الخيري والإنساني وتنويعه ورفده وتعزيزه بأسباب البقاء.
«نشر معاني الوسطية والاعتدال، والتسامح، والسلام، وتعزيز القيم والأخلاق، والتقريب بين المذاهب، والحد من الفرقة والخصام، ونبذ العنف ومكافحة الجريمة بجميع أشكالها» عبارات تحيل قارئها إلى العصور الفاضلة، حيث أحلام الفلاسفة والمدن الفاضلة التي بقيت مدادًا على ورق.
لكن ما حدث في السابع عشر من سبتمبر الماضي أن خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، قرر أن يصنع ما هو أبقى ذكرًا وأعظم أثرًا، وأن يطعم العالم كله وليس مدينته وحدها ثمار هذه الشجرة العملاقة التي أراد أن يتفيأ الجميع ظلالها.
هاجس قديم
كان إصدار خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الأمر الملكي القاضي بإنشاء مؤسسة خيرية عالمية، تحمل اسم مؤسسة خادم الحرمين الشريفين للأعمال الخيرية والإنسانية، تأكيدًا جديدًا للهاجس الإنساني الكبير الذي احتل مساحات مترامية الأطراف من فكر خادم الحرمين الشريفين، وكان الدافع الرئيس لكثير من مبادراته الإنسانية العالمية التي كانت دائمًا موضع إشادات رؤساء العالم وزعمائه وملوكه، وشعوبه، أيضًا. ولم يعد بإمكان أحد القول إن الملك عبدالله يحسن الصورة النمطية التي طبعها الإرهاب بيده السوداء في مخيلة العالم عن بلادنا، فقد تجاوز خادم الحرمين هذه المرحلة منذ أمد بعيد، وأصبح على دول العالم الآن، بما فيها دول العالم الأول، أن تلحق بالمملكة، وأن تجاريها في حجم المشروعات الإنسانية التي تطلقها يومًا بعد يوم بأمر من ملكها أو سمو ولي عهده أو سمو نائبه الثاني.
وثمة رسالة لمن أراد أن يقرأها بين سطور نظام مؤسسة الخير التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين، ألا وهي عالمية رسالة هذه المؤسسة المستمدة من عالمية الإسلام وعالمية رسالة نبينا محمد، صلى الله عليه وسلم، وكأن خادم الحرمين الشريفين أراد أن يستشعر العالم روح العالمية والرغبة في الخير للبشرية جمعاء، المبدأ الأساس لرسالة خاتم المرسلين، ومن جميل التقديرات أن ينطلق هذا المشروع الإنساني العالمي العملاق من أرض الرسالة ومهد نبيها محمد، صلى الله عليه وسلم.
تقدير عالمي
لعله من الأهمية بمكان أن ننوه بقائمة طويلة من أعمال خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز الإنسانية، سواء التي أطلقها أو التي وجَّه بها أو التي دعمها، قبل أن يتخذ قرار مأسسة جهوده، حفظه الله، ليعظم النفع بها وليضمن وصولها إلى أكبر قطاع ممكن من المحتاجين إليها. فطالما كان الإنسان هاجس الملك عبدالله، الأمر الذي كان موضع تقدير رؤساء العالم وملوكه وزعمائه ومنظماته الكبرى. فقبل عامين منح برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله، جائزة «البطل العالمي لمكافحة الجوع» في أثناء حفل أقيم في دافوس بسويسرا، خلال الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي، وحينها صرحت جوزيت شيران، المدير التنفيذي للبرنامج بالقول: «إن سخاء خادم الحرمين الشريفين لم يحرك العالم فحسب بل، أيضًا، أنقذ حياة الكثيرين في عام كان مليئًا بالتحديات. ولهذا السبب فهو محط تقدير الجميع وليس محط تقديرنا نحن فقط». وكانت المملكة تبرعت في هذا العام بأكثر من 500 مليون دولار أمريكي لصالح البرنامج، وأسهمت التبرعات التي حصل عليها البرنامج استجابة لأزمة ارتفاع أسعار الغذاء في إطعام 23 مليون شخص في 24 دولة من خلال مشاريع البرنامج التي تتضمن: مواصلة أنشطة التغذية المدرسية التي يستفيد منها الأطفال خلال العطلات الدراسية، واستخدام المدارس كنقط لتوزيع الحصص الغذائية المنزلية على الأسر المحتاجة. وبلغ المستفيدون من هذه الأنشطة حاليًا 2.6 مليون طفل في ستة بلدان هي: هايتي، وباكستان، والسنغال، وسيراليون، وطاجكستان، وأيضًا توفير حصص غذائية مكملة مليئة بالعناصرالمغذية للأطفال والنساء الذين يعانون سوء التغذية، واستفاد منها نحو 130 ألف طفل يعانون سوء التغذية في سبعة بلدان هي: جيبوتي، وغانا، وغينيا، وهايتي، وليبيريا، والسنغال، وطاجكستان.
كما شهد العام نفسه إعلان لجنة جائزة «ليخ فاوينسا» الأولى، اختيار خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، لمنحه الجائزة «اعترافًا بعمله وإنجازاته في المجال الإنساني والخيري». وأوردت حينها وكالة الأنباء الفرنسية أن فاوينسا، الرئيس البولندي السابق، بعث رسالة إلى خادم الحرمين الشريفين يطلب فيها قبوله الجائزة «لمساهماته في الحوار بين الأديان والتسامح والسلام والتعاون الدوليين»، وكذلك «لأعماله في المجال الخيري».
وقبلُ كانت العاصمة البولندية شهدت في عام 2007 تقديم وسام «البسمة» الدولي الإنساني لخادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وهو وسام يمنح لمن قدم خدمات غير مسبوقة للطفل. يصل عدد المرشحين للحصول على هذا الوسام 850 شخصًا من 45 دولة.
وهذا العام جاء اسم خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، في قائمة «أكثر عشرة زعماء في العالم كسبوا احترامًا عالميًا حقيقيًا» التي نشرتها مجلة «نيوزويك» الأمريكية.
يذكر أن هذا الإجماع العالمي على شخص خادم الحرمين وظهور قائمة «نيوزويك» تزامنا مع توجيه خادم الحرمين الشريفين بتقديم مبلغ 300 مليون ريال من شعب المملكة لإخوانهم وأشقائهم شعب جمهورية باكستان الإسلامية، تعبيرًا عن مشاعر الأخوة الإسلامية، والإنسانية، ومشاركتهم ووقوفهم معهم في محنتهم التي يعيشونها حاليًا جراء ما أصابهم من كوارث السيول والفيضانات التي غمرت العديد من المناطق وأجلت الملايين من السكان، الأمر كان موضع إشادة المنظمة الدولية للحماية المدنية والدفاع المدني التي أثنت على إسهامات المملكة، حكومة وشعبًا، في تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية للمتضررين من كارثة السيول والفيضانات في باكستان.
كما شهد هذا العام عقد مفوضية الأمم المتحدة لقاءً في اليمن يعرّف بجهود المملكة العربية السعودية في دعم النازحين اليمنيين، مشيدة بتوجيه خادم الحرمين بتسهيل تدفق المساعدات الإنسانية التي قدمتها منظمات دولية عبر أراضي المملكة إلى النازحين في المناطق اليمنية المتاخمة لحدودها، فضلاً عن إسهام المملكة بتقديم 1012 طنًا من التمور، وتوفير الرعاية الطبية لـ549 حالة إسعافية للمصابين، وكذلك تسهيل دخول 4692 مواطنًا يمنيًا إلى الأراضي السعودية للحصول على خدمات صحية ومعيشية.
ومؤخرًا أعلنت جمعية الإسلام والغرب في فرنسا عزمها إصدار كتاب عن الجهود الإنسانية لخادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، إذ نوَّه الدكتور فرانسيس لامان رئيس الجمعية، بأهمية دعوة خادم الحرمين للحوار بين شعوب العالم ومؤسساته، مشيرًا إلى نتائجها الإيجابية على العمل المشترك والتفاهم.
عربيًا، وعلى صعيد استشعار العالم جهوده الإنسانية، مُنح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، هذا العام شهادة الدكتوراه الفخرية في مجال خدمة العلوم والتعليم الطبي من جامعة الخليج العربي بمملكة البحرين، ومحليًا أهدت جامعة أم القرى خادم الحرمين الشريفين هذا العام، أيضًا، شهادة الدكتوراه الفخرية في خدمة الإنسانية.
أما المبادرة الأكثر جمالاً والتي تعكس عمق شعور العالم بحس خادم الحرمين الإنساني فكانت التحليق بمنطاد «ملك الإنسانية» فوق 52 دولة في جميع قارات العالم في مدة زمنية تقارب العام ونصف العام، حاملاً صورة خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، في ثلاثة اتجاهات ورسالته للعالم، يعلوها شعار المملكة والعلم السعودي، انطلق المنطاد من أرض الجنادرية ضمن فعاليات المهرجان الوطني للتراث والثقافة هذا العام، وحلق في سماء أكثر من عاصمة أوروبية في طريق رحلته، وسط إعجاب وترحيب من شعوب العالم التي أصبحت تعلم قدر الملك عبدالله، وتقدّر نواياه الإنسانية الطيبة، وتتلقى مبادراته الإنسانية بكثير من العرفان والتقدير.
القائمة
جاء مشروع خادم الحرمين الشريفين الأخير، الذي يتجسد في مؤسسته العالمية للأعمال الخيرية والإنسانية، متممًا لمسلسل المبادرات الإنسانية القديمة، ومقننًا لقادم الجهود، ومتوجًا لمسيرة حافلة بالحب والعطاء لهذه الشخصية الإنسانية التي سجلت حضورًا غير مسبوق في الوعي الجمعي لسكان العالم، في وقت كادت فيه النظرة إلى مشهدنا العربي العام تدخل في طور الإظلام التام على أيدي دعاة ترهيب العالم باسم الإسلام. وكشف صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن عبدالله ابن عبدالعزيز آل سعود، نائب رئيس مجلس أمناء مؤسسة خادم الحرمين الشريفين العالمية للأعمال الخيرية والإنسانية، النقاب عن بعض المشروعات التي تعتزم المؤسسة الاضطلاع بها، ومنها: بناء المساجد والمراكز الإسلامية ودعمها، ودعم جهود الحوار بين أتباع الحضارات والأديان، وتشجيعها والمساهمة فيها، وإعداد البحوث والدراسات، ودعم الجهود المتعلقة بأغراض المؤسسة وتطويرها ونشرها، وخصوصًا نشر معاني الوسطية والاعتدال والتسامح والسلام، وتعزيز القيم والأخلاق، والتقريب بين المذاهب الإسلامية، والحد من الفرقة والخصام، ونبذ العنف، ومكافحة الجريمة بجميع أشكالها.
كما يدخل ضمن برامج المؤسسة، القيام بجميع الأعمال والخدمات ذات الصلة بتعليم الشريعة الإسلامية والتفقه في أحكامها، والنشر في هذا المجال، وإنشاء الجامعات والكليات، والمدارس، والمعاهد، والمكتبات، ونحوها، والمراكز بجميع أنواعها «المهنية، والتقنية، والتعليمية، والاجتماعية، والبحثية، وغيرها»، وكذلك إنشاء المستشفيات والمصحات، ودور العلاج والرعاية والتأهيل المختلفة، وإدارة أي من هذه الكيانات وتشغيلها، وتخصيص الكراسي العلمية والبحثية باسم المؤسس في المؤسسات التعليمية، وتقديم المساعدات والمنح للباحثين والدارسين في شتى أنواع العلوم والدراسات التي تتيح الفرصة للاستزادة من ألوان المعرفة والثقافة المختلفة، بما يسهم في النهضة العلمية العالمية.
أيضًا يتضمن نشاط المؤسسة إقامة الدورات، والندوات، والمؤتمرات، والمنتديات، والمعارض، والحلقات، وورش العمل، ذات الصلة بأغراض المؤسسة، والمشاركة فيما قد تقيمه منها جهات أخرى داخل المملكة أو خارجها، وتشجيع أعمال الترجمة «من اللغة العربية وإليها» المتعلقة بأغراض المؤسسة بجميع الوسائل، ودعمها، ونشر الكتب والمذكرات والدوريات والتراجم وغيرها من الوثائق ذات الصلة بأغراض المؤسسة، وتوزيعها.
هذا وتعتزم المؤسسة فتح آفاق التعاون مع المؤسسات والمنظمات والهيئات والجامعات ونحوها في الداخل والخارج، وعقد الاتفاقات التي تساعد على تحقيق أغراض المؤسسة، بما ينسجم مع السياسة العامة للدولة، فضلاً عن المساهمة في تقديم الخدمات الإغاثية بجميع أنواعها، وتقديم المساعدات للمحتاجين، وتوفير السكن لهم، وإقامة المشاريع الإنتاجية، ودعم مؤسسات الإقراض التي تتولى ذلك.
كما تضمن نظام المؤسسة أنها ستمنح جوائز عالمية باسم «جائزة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود العالمية» في المجالات ذات الصلة بأغراض المؤسسة.